




الفصل 4
وجهة نظر تراجيدي
عندما توقفت الشاحنة، توقفت دمدمة المحرك، واستقرت الصمت المطبق.
تجمد جسدي المرتعش استعدادًا لما ينتظرني خلف تلك الأبواب... قد يكون هذا هو الأمر بالنسبة لي.
مرة وإلى الأبد.
انفتحت أبواب الشاحنة، كاشفة عن شريط من ضوء النهار الساطع الذي اخترق الظلام.
أمسك رجلان ضخام بذراعي، قبضتهما غير متراخية بينما يسحباني خارج المركبة. هاجمتني أشعة الشمس القاسية، مما جعلني أضيق عيني وأحمي وجهي بيدي.
خفق قلبي في صدري بينما كنت أتفحص محيطي غير المألوف.
وجدت نفسي واقفًا في وسط فناء مهجور، محاطًا بجدران حجرية شاهقة. امتلأ الهواء برائحة الأرض الرطبة والعشب المقطوع حديثًا، مختلطًا بشيء بدائي، شيء يشبه الذئب...
ظهر شخص من الظلال، حضوره آمر ومهيب...
سار نحوي بقصد، كل خطوة تتردد بقوة وسلطة. كان طويل القامة، أكبر بكثير مني، بينما كانت ساقاه الطويلتان تخطو بسهولة عبر الحجر.
توقف نفسي عندما التقت عيناي به بشكل صحيح لأول مرة، ملتقطًا حضوره المهيب.
كان لديه شعر داكن وغير منظم يتساقط على جبهته، يؤطر ملامحه القوية والزوايا. كان جسده يعبر عن القوة والهيمنة، جسده العضلي يتماوج تحت قميص أسود مشدود عبر صدره العريض. كانت الأوشام المعقدة تزين وتغطي ذراعيه ورقبته ويديه - تقريبًا كل جزء من الجلد الذي يمكنني رؤيته باستثناء وجه الرجل.
لكن كانت عيناه هما ما أرسل رعشة خوف في عمودي الفقري...
قاسية وثاقبة، كانت تتوهج بلون أخضر مكثف، تعكس شراسة مفترس جاهز للانقضاض. كانت تتسرب إلى داخلي، تقيمني وتقيسني بشدة جعلتني أشعر بالصغر وعدم الأهمية أمامه.
لم أستطع أن أمزق نظري منه، رغم أنني كنت أعلم أنه لا يجب أن ألتقي بنظر الذكور، لكن رؤية هذا الرجل كانت ببساطة ساحرة.
كان حضوره يشع بالقوة والسلطة الخالصة - محاصرًا إياي.
كان هذا رجلًا يأمر بالاحترام ويزرع الخوف في قلوب من يقفون أمامه. كنت أعلم أن عبور طريقه يعني الدخول إلى منطقة خطرة... لذا لعنت نفسي مرة أخرى لدخولي في هذه الورطة في المقام الأول!
اقترب مني بخطوات متعمدة، تعبيره غير مقروء. كان الهواء مشحونًا بالتوتر بينما توقف على بعد أقدام قليلة فقط، نظرته تحفر في داخلي.
هبة من الرياح اجتاحت الفناء، محدثة ضوضاء في ملابسي المهترئة ومزعجة شعره الداكن قليلاً، لكنه بقي غير متحرك، قوة لا يمكن الاستهانة بها.
هذا الألفا كان مختلفًا تمامًا عن ألفا السمين القديم في بلدي... حتى مختلفًا عن ابنه أيضًا... هذا الألفا كان ضخمًا ومرعبًا!
"ماذا لدينا هنا؟" كان صوته منخفضًا وخشنًا، يرسل رعشة في عمودي الفقري كما كان يتناسب مع سلوكه تقريبًا بشكل مثالي.
الطريقة التي نطق بها كل كلمة، مملوءة بالسلطة، جعلت من الواضح أنه يتوقع إجابة.
تلعثمت، صوتي بالكاد فوق الهمس. "أنا... أنا تراجيدي، سيدي. لم... لم أقصد التعدي. كنت أختبئ... لم يكن لدي مكان آخر أذهب إليه." حاولت التبرير...
"اسمك الحقيقي هو تراجيدي؟" ضيق عينيه، ناظرًا عميقًا في عيني بينما أومأت بخجل على السؤال - خجلاً مرة أخرى من الاسم الفظيع.
ضيق عينيه، شدة نظرته لم تتراجع أبدًا. "ومما كنت تختبئ، تراجيدي؟ هل أنت جاسوس أرسل لاختراق قطيعي؟" كانت كلماته معلقة في الهواء، محملة بالشك والاتهام.
مجرد التفكير في أن يتم وصفي بالجاسوس أرسل موجة جديدة من الرعب تجري في عروقي. هززت رأسي بشكل محموم هذه المرة، صوتي يرتجف بينما أحاول بشكل يائس إثبات براءتي. "لا، أقسم! أنا لست جاسوسًا. أنا فقط... ذئب ضائع، أبحث عن ملاذ." أعترف بقضيتي.
نظر إلي بصمت للحظة، بنظرة ثاقبة لا تلين. ثقل تدقيقه ضغط علي، مما جعل التنفس صعبًا. شعرت وكأنه يستطيع رؤية كل ذرة في كياني، يكشف الحقيقة التي كنت أحاول إيصالها.
أخيرًا، ارتسمت على وجهه ابتسامة باردة، خالية من الدفء أو الرحمة. "سنرى"، قال بصوت محمّل بنبرة شريرة. "في الوقت الحالي، سيتم وضعك في الزنزانات للمراقبة الإضافية. إذا كنت تقول الحقيقة، فلا داعي للقلق."
انقبض قلبي عندما نطق بتلك الكلمات، مؤكداً أسوأ مخاوفي.
الزنزانات - مكان يتم فيه حبس المجرمين والخارجين عن القانون. فكرة أن أكون محبوسًا في زنزانة باردة ورطبة بين الأشرار أرسلت قشعريرة في عمودي الفقري.
لكن لم يكن هناك مجال للاحتجاج أو التفاوض هنا.
لم يكن لدي خيار سوى الامتثال إذا أردت الخروج من هذا المكان على قيد الحياة...
أمسك بي رجال ألفا بقوة، وقادوني عبر الفناء إلى هيكل حجري هائل كان يلوح أمامنا. فتحت الأبواب الثقيلة بصوت صرير، كاشفة عن ممر مضاء بشكل خافت تصطف على جانبيه صفوف من الزنزانات ذات القضبان الحديدية.
كلما تعمقنا أكثر في المبنى، زادت رائحة الرطوبة والتحلل. كان الهواء ثقيلًا بجو خانق، مما جعل من الصعب التنفس. شعرت وكأن الجدران نفسها تغلق علي، تخنقني بثقلها.
توقف الرجال أمام زنزانة بالقرب من نهاية الممر. فتح الباب بصوت صرير، ودُفعت إلى الداخل، متعثرة وساقطة على الأرض الباردة والقاسية. انغلق الباب بصوت قوي، مغلقًا علي في الظلام.
كانت الزنزانة صغيرة ومزدحمة، بالكاد تتسع لتمديد أطرافي المتألمة. كانت الجدران خشنة، مغطاة بطبقات من الأوساخ والرطوبة. كانت هناك لمبة واحدة تومض وتضيء الزنزانة، تلقي بظلال مخيفة حولي. كان الهواء راكدًا، يحمل رائحة خافتة من الذين سبقوني والذين بلا شك عانوا داخل هذه الجدران...
انكمشت في زاوية، ولففت ذراعي حول نفسي طلبًا للراحة.
استقر واقع وضعي علي بثقل، مما تسبب في مزيج من الخوف والغضب واليأس يتماوج داخلي. كنت محبوسًا، سجينًا في مكان حيث مصيري بيد ألفا لا يرحم يراني كتهديد محتمل لشعبه.
كل هذا بفضل مصيري الذي أوقعني في يد رفيقي الذي لا يرحم... لو لم يكن بسبب رفضه ونفيه... لما كنت في هذه الزنزانة!
بينما جلست هنا، تلاحقت الأسئلة والشكوك في ذهني. كيف انتهى بي المطاف في هذا المأزق؟ هل يمكنني إقناع ألفا ببراءتي؟ هل هناك أمل في الهروب من هذا المصير؟
الوقت فقط سيخبر...
امتدت الساعات إلى ما بدا وكأنه أبدية مؤلمة، مكسورة فقط بصوت خطوات عرضية تتردد في الممر بالخارج.
كل دقيقة تمر شعرت وكأنها حياة كاملة، وكان الصمت مرعبًا بشكل لا يطاق.
أخيرًا، بعد ما بدا وكأنه أيام، صوت خطوات تقترب من زنزانتي جعلني أرفع رأسي قليلاً.
تردد صدى الخطوات الثقيلة عبر الممر، يزداد صوتها مع كل لحظة تمر.
اكتسحني الرعب فجأة عندما ظهر ألفا بنفسه، محاطًا برجاله الموثوقين.
وقف أمام زنزانتي، حضوره مهيب ومخيف بينما كنت أنظر إليه...
ألقت اللمبة المتذبذبة بظلال شريرة على وجهه، مبرزة خط فكه القوي وعينيه الخضراوين الثاقبتين.
لم يكن هناك شك في القوة التي يمتلكها، والهالة من الهيمنة التي تشع منه.
"دعنا نتحدث إذن، أليس كذلك؟" بدأ ألفا.
بقيت في الزاوية، خائفة وعاجزة، أنتظر مصيري الذي ينتظرني...