Read with BonusRead with Bonus

الفصل 3

آرتيميس

ألقي كيس من الخيش فوق رأسي. لم يكن ذلك يفرق كثيراً، لكنني لم أخبر الرجال بذلك.

سرنا في صمت لما بدا كأنه إلى الأبد.

سرنا حتى زال برد الليل وبدأت الشمس تدفئ جسدي.

كانت الأشياء الصغيرة هي التي افتقدتها أكثر.

رائحة زهرة العسل وشيء حلو انتشرت في الهواء، رفعت أنفي في الهواء، محاولاً التقاط رائحة أفضل.

وصلت إلى أذني همسات بعيدة، رائحة النيران، الناس، الذئاب.

تململت ضد مخالبهم السميكة. "أرجوكم." توسلت، لم أكن أعرف ما هو الأمر في فكرة إعادتي إلى المكان الذي تعيش فيه هذه الوحوش، لكن شيئًا ما في ذلك ملأني بالرعب. "أرجوكم لا! فقط دعوني أذهب!"

"صمت!" همس أحد الرجال، وضرب شيء صلب رأسي، فانهرت في أذرعهم. إذا لم أستطع محاربتهم، فسأجعل الأمر على الأقل أكثر صعوبة لهم. "أرجوكم! إلى أين تأخذونني!" صرخت، محاولاً العثور على موطئ قدم على الأرض الصلبة بينما كانوا يجرونني.

"إلى حيث ينتمي أمثالك من المارقين." قال صوت خشن بلا مبالاة.

"لست مارقًا!" كنت كذلك. فعلت الشيء الوحيد الذي استطعت التفكير فيه للدفاع عن نفسي، كذبت. "أنا معالج! أرجوكم صدقوني!"

"أنت تكذب." زمجر الرجل الآخر وشيء حاد غرز في قاعدة عمودي الفقري. "أنت تكذب!"

نزع كيس الخيش عن رأسي، وأداروني. "لا تكذب عليّ- ما هذا الجحيم!"

"ما الأمر لو-" بدأ رجل آخر، يمكن سماع خطواته تقترب مني قبل أن يتوقف في منتصف الجملة، الصدمة واضحة في نبرته المرتجفة. "ما الذي حدث لك بحق الجحيم."

يد خشنة على وجهي، نفس دافئ يهب على وجهي. "عينيها، أوزي انظر إلى عينيها!"

همس الرجل الذي كان على الأرجح أوزي للرجال. "خذوها إلى أستوريا. لا تخبروا الألفا... على الأقل، ليس بعد."


سرنا، سرنا وسرنا أكثر. رائحة نيران الشتاء والبخور أصبحت أقوى حتى توقفنا. كان هناك طرق على الخشب، "أستوريا!" صرخ أحد الرجال، "اخرجي أيتها الساحرة!"

كان هناك صوت خشب على خشب، يحمل معه رائحة الاحتراق والدفء الذي جاء معه. "ماذا تريدون." همست أستوريا. عدائية وغير متسامحة.

"لدينا هدية لك." كان يمكنني سماع الابتسامة الحلوة المريضة في صوته. دفعوني للأمام، فسقطت على ركبتي عندما اصطدمت ساقاي بالدرجات الخشبية. لم أصرخ، لم أصدر صوتًا.

غادر الرجال، ضحكاتهم المرة وأيديهم الخشنة غادرت معهم. بدلاً من ذلك، أمسكت أيدٍ ناعمة بمعصمي، تقودني للوقوف.

"تعالي." كان صوتها منخفضًا، لكنه يحمل نوعًا من الهمس القططي الذي أعطاني شعورًا بأنه في حياة أخرى، كان يمكن أن تكون مغرية.

تبعتها، بحذر صعدت الدرجات ودخلت دفء وأمان الكابينة. "اجلسي."

فعلت كما قالت، جسدي يلتقي بالمقعد الخشبي المغطى بالفراء الناعم. فراء الذئب.

"أنت عمياء." قالت بلا مبالاة، دون أي عاطفة أو شعور في نبرتها على الإطلاق. كان بإمكاني أن أشعر بها تدور حولي كما يفعل المفترس بفريسته. يد مرت عبر شعري المتشابك، عبرت على لوحي كتفي، إصبع واحد مر على شفتي المفتوحتين. "نعم." قلت بصوت متقطع، رائحة البخور تملأ رئتي. "يمكنني مساعدتك." قالت، شعرت بوجودها يبتعد، صوت الأواني والمقالي، المعدن على المعدن يرن في الهواء.

"ومع ذلك، كل شيء له ثمن."

"ليس لدي شيء... ليس لدي شيء لأعطيك." همست، محدقة بعينين باهتتين وفارغتين إلى راحتي يدي، لكن بدلاً من ذلك كان كل ما أراه هو الظلام. لا شيء سوى الهاوية السوداء التي كانت عالمي.

"الأمر ليس متعلقًا بالأشياء المادية." همست. "تلك لا تعني شيئًا للآلهة."

"إذن ماذا؟" سألت، ماذا يمكن أن تريد مني، لم يكن لدي شيء.

"رفيقك."

شعرت بثقل كبير يغرق في قاع معدتي، كان لدي شعور سيء حيال هذا. "ليس لدي رفيق..."

"تخلَّ عن قدرتك على الحصول على رفيق. هذا هو ثمن البصر." ارتعشت عندما سمعت صوتها فجأة خلفي، أنفاسها الباردة تلامس أذني.

أي شيء، أي شيء ليختفي الظلام.

"افعلها." قلت دون أن أستوعب الكلمات التي كانت على طرف لساني.

هب نسيم بارد فجأة، فلففت ذراعي حول نفسي لأشعر بالدفء. صوت صفير منخفض يتناغم في الهواء، صوت خشب قديم في الرياح، رنين عتيق لجرس رياح يتحرك مع حركة الهواء.

"اغمض عينيك، ولا تفتحهما حتى أقول." تمتمت، وأصابعها الرقيقة تضغط على جفوني المغلقة كقبلة أم، تبارك نوم الليالي القادمة. "لا تفتح عينيك، مهما حدث."

أصابع مبللة تتبعت عظام وجنتي، نزولاً إلى منتصف جبهتي وعلى منحدر أنفي، ثم شفتي وعيني. رائحة الدم النحاسي المرة غزت حواسي، غمرت رائحة البخور والدخان. لقد وضعت دمها على وجهي.

"Sanguis ruber, et conteram filum." همست.

قطرات دمها سقطت على شفتي.

"Sanguis ruber, et conteram filum."

المذاق المعدني اقتحم حواسي دون أن يكلف نفسه عناء المسح على أقدامه أولاً.

"Sanguis ruber, et conteram filum."

بدأ شعور غريب في أطراف أصابعي، تنميل خفيف سرعان ما تحول إلى جحيم من الغضب غير المحترق. همست، مشدوداً قبضتي بإحكام.

"Sanguis ruber, et conteram filum."

بدأ الحرق يسري في ذراعي، بدءاً من أصابع قدمي وصاعداً إلى فخذي. متجهاً نحو قلبي.

"Sanguis ruber, et conteram filum."

همست من الألم عندما اشتد النار، أكبر، أكثر إشراقاً. لهب برتقالي يلعق كتفي وسرتي. ومع ذلك كان الظلام هو كل ما رأيته.

"Sanguis ruber, et conteram filum." ارتفع صوتها مع كل كلمة نطقتها.

سرعان ما شعرت وكأنني أختنق بدمها، كان يزحف في حلقي مثل يد تحاول أن تقبض على قلبي وكل ما استطعت سماعه كان صوتها، ثابتاً وغير متزعزع.

"Sanguis ruber, et conteram filum."

حاولت ألا أصرخ. كنت أحترق حياً. كنت في النار. كنت أموت. ومع ذلك، أبقيت عيني مغلقتين، لا أجرؤ على عصيان الساحرة التي كانت تتحرك بصمت حولي.

نمت هالة برتقالية خلف عيني، تشبه الضوء خلف الأبواب المغلقة. وجدت النيران قلبي، تلعق العضو البغيض حتى بكى هو الآخر دموعاً قانية من الحزن.

"Sanguis ruber, et conteram filum." صرخت، صوتها المكسور والمروع يتردد في الصوت. كان صوتها خشنًا وكأنه يحمل نوعاً من العاطفة. تقريباً...

صرخت، صرخة خام ونقية. صوت شخص يواجه الموت. أمسكت بصدري، شعرت وكأن قلبي قد مات وكل ما تبقى هو شظايا شيء كان يوماً جميلاً. كانت الشظايا زجاجًا، تقطع في قفصه العظمي.

"Sanguis ruber, et conteram filum!" دوّت.

كانت رعداً، كانت مطراً، كانت البرق الذي نخافه.

بكيت دموعاً من الدم، كثيفة ومالحة، نزلت على خدودي وداخل كفّي. امتلأت رئتاي بالدم، كان في عيني وحلقي وتحت لساني.

"افتح عينيك."

كان الأحمر هو اللون الأول الذي رأيته. رمشت حتى بدأت ضبابية العالم تظهر. كل شيء كان ضبابياً في البداية، الأزرق يندمج بالأخضر، الأصفر بالبرتقالي والأحمر بالأسود.

"أ...أستطيع رؤيتك.." كان صدري يرتجف بالدموع التي لم تسقط. "أستطيع رؤيتك!"

Previous ChapterNext Chapter