Read with BonusRead with Bonus

الفصل 2

على يديه وركبتيه، كانت الأنفاس الحادة تتسرب من جسد دانيال، والعضلات الصغيرة بين أضلاعه تضغط على صدره بينما كانت رئتيه القذرتين تعملان جاهدة لالتقاط أنفاسه من جديد.

عندما تلاشت الهمسات في صدره، لفت انتباهه صوت تكسر العشب الجاف، ولاحظ الأقدام الصغيرة العارية من زاوية عينه. كل خطوة كانت تترك خلفها أثرًا من العشب الأخضر الطازج وتبرد روح مشعل النار.

ارتفعت عيناه لتلتقي بالمرأة ذات الشعر الأحمر، وثنت أصابعها بينما مالت برأسها بعيدًا. "تعال إلى المنزل، دانيال. نحن في انتظارك." الرائحة الحلوة الناعمة التي تركتها خلفها جعلته يغلق عينيه ويفرك المساحة في صدره حيث تعيش الآن.

الحصى المتوهجة الصغيرة التي بقيت على أرضية الغابة حفرت في كفيه بينما رفع نفسه من الأرض. مثل دمية على خيط، تعثرت ساقاه المرتعشتان خلفها. "انتظري! من أنتِ؟ أنا أعرفك، أليس كذلك؟"

مرت عبر الغابة الميتة، وكل شيء لمسته عاد إلى الحياة حتى تلاشى تدريجيًا إلى غابة خصبة ومفعمة بالحياة.

العالم الوحيد الذي عرفه دانيال كان ميتًا، وعندما جاءت ألوان الأشياء البرية إلى عينيه، أحرقتهما بشدتها. مسح عينيه المائيتين بكمه، وكاد أن يفقد أثر الطيف وهي تبعث الحياة في كل شيء جميل بيدها الشافية. تغريدات وزقزقات الطيور والحشرات المنقرضة منذ زمن طويل التي تزحف حول الأشجار اهتزت في أذنيه، والعشب الناعم انحنى تحت قدميه. "هل هذا حقيقي؟"

الهواء النقي الذي يغذي جسده الآن أرسل صاعقة حادة عبر صدره تبعت الدم الذي يضخ في عروقه حتى نبضت كل خلية بالطاقة. "أنتِ تفعلين هذا، أليس كذلك؟"

السماء المليئة بالدخان لم تسمح للشمس بأن تلامس الأرض منذ قرن على الأقل، والآن لمست وجهه الشاحب لأول مرة في حياته. أرسل ذلك رعشة عبر جسده كله، وعطسة قوية خرجت من أنفه لدرجة أنها أفقدته رؤيته للحظة. أغلق عينيه البنيتين الداكنتين على دفء الكرة الساطعة في الأعلى، وظهرت قشعريرة في جميع أنحاء جسده. شعره الفوضوي تمايل في النسيم النقي الذي دار حوله ودغدغ أذنيه البارزتين قليلاً.

"ما اسمكِ؟" عندما فتح عينيه، كانت بقايا الغابة المحترقة تحيط به مرة أخرى، وهز رأسه وهو يدور ويبحث عنها. "لا! لا، لا تتركيني خلفك. أرجوكِ!"

تسارع نبض قلبه وهو يرفع يديه إلى وجهه، ولا يزال بإمكانه شم بقايا العالم النظيف على بشرته. تدريجيًا، تلاشى الاهتزاز في أذنيه ليحل محلها الهمسات مرة أخرى، وعندما غلبه السواد، نادى بالكلمات التي همست له. "خذني شمالاً."

انسكبت الكلمات من لسانه، وظهر بوابة متوهجة أمام دانيال. تشوه الفضاء من حولها وتحركت مثل الماء في بركة وهي ترقص في الهواء وتثني الضوء. تموجت البوابة، واهتز جسد دانيال كله عندما مدت يدها إليه.

شعور بالوخز في أصابعه جذب يده أقرب إلى البوابة وهي تتلوى في طريقها إليه. عندما تصادمت القوى، ابتلعت دانيال بالكامل، وأغلقت البوابة على الفور خلفه.

الأصوات الكريهة التي كانت تحيط به في أذرعها الحارة كانت دوامة من الهسهسات والصراخ التي سحقته وسحبت الهواء من رئتيه حتى لم يتبقَ سوى نبضات قلبه والظلام.

على الجانب الآخر من الزمان والمكان، بنى حراس البوابة القدماء حوله قطعة بقطعة حتى عاد العالم كله إلى النظام. انهارت ركبتيه المرتعشتان عندما مد يده إلى التمثال ليتزود بالأرض. أرسل الحجر البارد تحت كفه صدمة عبر أصابعه ورؤية عبر عقله. "أنا أعرف هذا المكان."

كانت حذاؤه الأسود يتخبط على طول الطريق المرصوف بالحصى، ورذاذ الشلالات يتطاير على وجهه. رفع عينيه ليجد البيوت الصغيرة المبنية في الجرف، وفوق التل جلس البحر الأزرق. كانت الشمس الدافئة تغرب فوق الماء، تلقي بظلال طويلة على الأرض حتى اختفت أخيرًا في مشهد وردي وبرتقالي.

كان الأمر أشبه بحلم لا يستطيع تحديده، ودانيال حرك أصابعه وأشار إلى يمينه. "من هنا. أنت من هنا." كل خطوة اتخذها شعر بأنها صحيحة وأكثر ألفة حتى وصل إلى القاعة الكبرى.

من الدرج الحجري الطويل على الجانب الآخر جاء رجل يرتدي رداءً طويلًا أخضر وذهبيًا بشعر أسود طويل وقطعة رأس مضفرة تحيط بجبهته. "مرحبًا يا بني. أنا نيكولاس، سيد الغابات الشمالية. أنا سعيد لأنك اخترتنا."

أمال دانيال رأسه للساحر القديم. "شكرًا لك، سيدي، لكن أين أنا بالضبط؟ أنا... أعلم أنني كنت هنا من قبل، لكن لا أستطيع أن أتذكر."

العيون الزرقاء التي تعرف عليها دانيال من رؤاه تدور حول الأراضي بينما ارتسمت ابتسامة دافئة على وجه الرجل العجوز. "هذه هي المملكة، يا بني. أنت في بيتك."

رائحة الهواء الخريفي النقي تهب من النوافذ المفتوحة بينما كان دانيال يسير بجانب نيكولاس وعينيه تفحص الجداريات والتماثيل التي تصطف في قاعات المبنى الرئيسي. "لماذا أحضرتني إلى هنا؟ كيف عرفت أين تجدني؟"

أشار نيكولاس إلى القاعة البعيدة بعد المكتبة بيده وابتسامة مسلية ارتسمت على فم الساحر العجوز. "لم أحضرك إلى هنا. حتى أذكى منا لا يستطيع السفر عبر الزمن كما فعلت؛ لقد فعلت ذلك بنفسك."

كانت عيناه تفحص كل غرفة وقاعة وصلوا إليها، وشعور بالغرق ارتفع من جوفه. "أين المرأة؟ تلك ذات الشعر الأحمر. هي التي أرشدتني إلى هنا؛ أعتقد أنها في مشكلة."

أمام باب خشبي مستدير، توقف نيكولاس وزفر من أنفه. "ستأتي في الوقت المناسب." رفع إصبعه النحيل بينهما، وارتفع حاجبه الأسود المدبب. "الآن، بينما أنت هنا، ستتدرب على الطرق القديمة. ستتعلم كيف تقاتل كما نفعل نحن، وكيف تعيش كما نعيش نحن. نحن مجتمع، يا دانيال، كل شخص يقوم بدوره، وستعمل في دفاعات المدينة لتكسب رزقك، في الوقت الحالي."

أومأ دانيال احترامًا للرجل القديم وأسقط عينيه إلى الأرض. "أفهم. سيكون شرفًا لي أن أتعلم تحت إشرافك."

عندما فتح نيكولاس الباب إلى منزله الجديد، انحنى دانيال ودخل. انبعثت ضحكة غير مريحة من صدره عندما رأى السرير بوسائده الناعمة في الزاوية بالقرب من الشرفة. "لا أفهم لماذا أنا هنا. ليس أنني لست ممتنًا، لكن ماذا فعلت لأستحق هذا؟"

تقاطعت ذراعي الساحر العجوز على صدره، ورفع كتفه. "هذا هو قدرك، يا دانيال. بعض الأشياء مقدر لها أن تكون." بيد ملامسة لظهر دانيال، أومأ نيكولاس نحو الباب. "العشاء عند الغروب، وهو الآن بالمناسبة. نظف نفسك، وعد إلى القاعة حيث دخلت. ستسمعنا."

أغلق نيكولاس الباب خلفه، ودانيال دحرج عينيه وهو ينظر إلى الجداريات القديمة الباهتة التي تصطف في منزله الجديد. "قدري. صحيح."

انزلق يده عبر البطانية الناعمة، وفكر في منحنى خدها الأملس. اندفع ألم عبر أطراف أصابعه وجعله يقبض يده. "أين أنتِ؟"

Previous ChapterNext Chapter