




الفصل 3
الشتاء
أجلس على سريري، وأدفع طبقي جانبًا بينما يتبخر شهيتي. مرت سنوات منذ آخر مرة تقابلنا فيها، لكن عينيه كشفتا عن التعرف الفوري. بعد كل شيء، من غيري يمكن أن يتعثر في مطبخه كأنني شبح من الماضي؟
لكن لماذا نظر إلي وكأنني العدو؟ ألم نكن أفضل الأصدقاء؟
كان غضبه ملموسًا في المطبخ، ووضوح تهيجه كان كالشمس في النهار. الطريقة التي نظر بها إلي، بتلك النظرة الباردة، شبه الاحتقارية، كانت كأنها سكين يلتوي في أمعائي. كأن وجودي في مساحته كان كافيًا لإثارة غضبه.
أنا غارق في هذه الأفكار المزعجة عندما فجأة يُفتح باب غرفة النوم بعنف. يقف زيون في المدخل، يتمايل قليلاً، وعيناه الحمراوتان تعكسان مزيجًا من الغضب والارتباك. مظهره، مع ذلك، يزيد من القلق الذي شعرت به سابقًا. الطريقة التي نظر بها إلي آنذاك، بتلك الكراهية الواضحة، زادت من إحساسي بالتشاؤم.
"زيون! ما الأمر؟" أتمتم، وصوتي يرتعش بمزيج من الارتباك والخوف.
تجول عيناه على وجهي، وتتوقف لفترة طويلة على شفتي. جوعه ملموس، وقشعريرة من الرعب تجري في جسدي بينما أشعر بالتهديد المعلق في الهواء.
"وجودك—" يهمس،
قبل أن أتمكن من الرد، يعبر الغرفة بخطوات غير ثابتة. يمسك بي من خصري، قبضته لا تلين وممتلكة.
"لماذا أتيت إلى هنا، يا ندفة الثلج؟ أنت غير مرغوب فيك هنا." صوته قاسي ومشوش. نفسه حار ورطب ضد رقبتي، يمزج مع رائحة الكحول الحادة. دفء جسده يضغطني ضد جدار غرفة النوم، يحاصرني. اللقب الذي يستخدمه،
ندفة الثلج، مغموس بلهجة تكشف عن فقدانه السيطرة.
رغم الغضب المشتعل في عينيه، فإن إحساس نفسه ضد رقبتي يرسل قشعريرة لا إرادية في عمودي الفقري. أنفه يلامس جلدي بينما يستنشق بعمق، مزيج نفسه المشبع بالكحول ورائحتي يخلق ضبابًا مشوشًا.
أحاول الابتعاد، لكنه يضرب يديه على الحائط بجانبي، يحبسني في مكاني. نظرته تتعلق بنظري بشدة آمرة.
"انظري إليّ"، يأمر، صوته صارم ولكنه يحمل حافة غير مريحة.
"زيون، ماذا تفعل؟" أسأل، محاولًا الإفلات من قبضته. تجول عيناه على وجهي، تتوقف لفترة طويلة على شفتي، جوعه يرسل قشعريرة من الرعب خلالي.
"كنت في ذهني باستمرار مثل شوكة لعينة في جانبي لفترة طويلة"، يبصق، صوته يقطر بالسم.
"ماذا... ماذا تعني؟" أتمتم، وصوتي يرتعش.
"دائمًا مع الأكاذيب. أنت تعرفين بالضبط ما أتحدث عنه."
"لا أعرف—" أبدأ في القول، لكنه يقطعني بوضع يده على فمي.
"دعيني أكون واضحًا: أنا لست صديقك اللعين بعد الآن. ابقي بعيدًا عن طريقي إذا كنت تعرفين ما هو الأفضل لك. هل تفهمين؟"
أومئ بسرعة، ويزيل يده ببطء من فمي. أمسح شفتي الجافة بعصبية.
وجهه تشوه إلى تعبير غير مقروء قبل أن يدفعني فجأة بعيدًا عنه. يخلق فجوة واضحة بيننا، حركاته متشنجة وغير متصلة.
دون كلمة أخرى، يتوجه نحو الباب. عندما يتوقف في المدخل، يلقي نظرة أخيرة طويلة عليّ، عينيه تحملان تحذيرًا غير مريح يجعلني أرتجف.
بمجرد أن يختفي عن الأنظار، أنزلق على الحائط، عقلي مشوش وقلبي ينبض في صدري. ماذا حدث للتو؟ اللقاء تركني مشوشة ومضطربة، عاصفة من المشاعر والأسئلة التي لم تجد إجابة تدور في عقلي.
انفجار الموسيقى الصاخبة من الجهة الأخرى من الممر يعيدني إلى واقعي. أنا متكورة على الحائط، أحاول تهدئة تنفسي بعد اللقاء المزعج مع زيون. عقلي في دوامة من الإرهاق الناتج عن الرحلة والارتباك بسبب رد فعل زيون. أشعر وكأنني عالقة في حلم غريب ومشوش.
أرتفع ببطء، كل حركة تبدو أثقل من السابقة. ضربات الموسيقى المستمرة تتسرب عبر الجدران، تذكير دائم بأنني في بيئة جديدة وغريبة. من الصعب الهروب من الشعور بأنني لا أنتمي إلى هنا، وأنني مجرد دخيلة في هذا المنزل الفخم.
أسحب نفسي إلى السرير، أتسلقه وأغطي نفسي بالأغطية، باحثة بيأس عن أي راحة في القماش. الموسيقى تستمر في الصخب، إيقاعاتها تذكرني بحالتي المضطربة. أستلقي هناك، أحدق في السقف، الإيقاعات تهتز في الغرفة وتمتزج مع الفوضى في عقلي. الغرفة الفخمة حولي تبدو باردة وغير مرحبة، ولا أستطيع التخلص من شعور العزلة. كل نبضة من الموسيقى تضخم شعوري بعدم الراحة، تاركة إياي قلقة ومضطربة وأنا أحاول فهم كل شيء.
........
يبدو أن ضربات موسيقى زيون جعلتني أنام لأنني عندما استيقظت مرة أخرى، كانت أشعة الشمس تتسلل عبر شق في الستائر، تغمر الغرفة بضوء ناعم. بينما أستعد وأرتدي سترة قديمة أعطاني إياها صديقي المثلي، أتوجه إلى الحمام.
باحثة عن الراحة في فنجان من القهوة، أتجول في المنزل.
المكان بأكمله نظيف كما لو لم يسكنه أحد من قبل. حتى الفوضى التي أحدثتها في المطبخ اختفت، وكأنني لم أكن هنا أبداً.
أفتح خزانة وألتقط علبة حبوب الإفطار، أشعر كأنني غريبة في هذا المكان النظيف.
ينزل والدي وجيني في النهاية، وجهتهما الأولى هي آلة القهوة. والدي يتمتم "صباح الخير" بلا اهتمام قبل أن يتوجه إلى مكتبه، منشغلاً بما يهمه.
عندما اقترح والدي في البداية هذا الترتيب، كنت على استعداد لرفضه تماماً. لكن لمفاجأتي، اعتقدت أمي أنه فكرة رائعة. سأضطر إلى تذكر شكرها في المرة القادمة التي نتحدث فيها عن دفع هذه الخطوة.
"هل تستقرين بشكل جيد، وينتر؟" تسأل جيني، ابتسامتها دافئة لكن عينيها مشتتتان.
أومئ برأسي، عاجزة عن الكلام.
"أنا آسفة لأنني لم أتمكن من الترحيب بك بنفسي. كنت مشغولة في المكتب. على الأقل كان زيون هنا للترحيب بك."
أوه، لقد رحب بي بالتأكيد.
"على أي حال، يجب أن أرتدي ملابسي وأتوجه إلى المكتب مع والدك لبعض الاجتماعات الهامة. وداعاً الآن."
قبل أن أتمكن حتى من الرد، كانت قد ذهبت.
تركت وحدي مرة أخرى، ما زلت أعبث بحبوب الإفطار عندما أشعر بتغيير في جو الغرفة. أنظر لأعلى وأراه—زيون. شعره الداكن مشعث، وعيناه محمرتان ومحاطتان بدوائر سوداء.
"صباح الخير"، أقول محاولاً أن أبدو عادية.
"أنتِ ما زلتِ هنا، لذا لا يوجد شيء جيد في هذا الصباح اللعين!" يتمتم بمرارة، عيناه تضيقان بينما يبدأ تشغيل آلة القهوة.
حسناً، إذن.
مهما كان.
بدون كلمة، يغادر زيون، خروجه فجائي كما كان دخوله.