Read with BonusRead with Bonus

الفصل 3

غضب

خارج الكهف، كانت الشمس تسطع من خلال السحب الرمادية الثقيلة التي تمطر. في الضوء، استطعت أن أرى الدم الجاف على يدي وركبتي، دم شعبي الذي انسكب على أرضية الكهف الذي زحفت عليه. جمعت القوة المتبقية في ساقي بينما دفعت نفسي نحو النهر، الذي امتلأ مرة أخرى. بفكرة واحدة في ذهني، ألقيت نفسي في الماء. يجب أن أتطهر! السماء لن تغفر لي لوجود دم شعبي على يدي. غطست تحت السطح ومزقت حفنة من الأعشاب الميتة القديمة من قاع النهر. فركت جلدي لأزيل الدم، لكنني لم أستطع التوقف، في محاولة يائسة لاستبدال الألم في صدري، فركت جسدي بالأعشاب الخشنة حتى شعرت بأن جلدي أصبح خامًا. بكيت، لأمي، للأطفال، ولكل الناس في كهفنا. كان الألم في قلبي لا يُحتمل. صرخت، محاولةً تخفيف الضغط على صدري. صرخت حتى أصبح حلقي مؤلمًا وتذوقت الدم في فمي، متوسلةً للسماء الكبيرة أن تخبرني لماذا. زحفت على ضفة النهر ولففت ذراعي حول جسدي النحيل، مفتقدةً حضن أمي. لم أستطع الصراخ بعد الآن وبعد فترة، نفدت دموعي وانجرفت في الظلام.

أيقظني المطر. لم أتحرك في البداية، ما زلت آمل أن أسمع صوت أمي أو أي شخص في الكهف. كنت أعلم أنني لن أسمع شيئًا، كنت أعلم أنني وحيدة تمامًا، لكن إذا لم أفتح عيني، يمكنني البقاء لفترة أطول قليلاً. اشتد المطر وتقلبت على ظهري وفتحت فمي. غطت القطرات الحلوة الداخل الجاف لفمي. لعقت شفتي المتشققتين وابتلعت لترطيب حلقي المؤلم. كانت كلمات أمي الأخيرة تتردد في رأسي، "عليك أن تنجو! هل تسمعيني؟ وعديني أن تنجو!"

جلست وأطلقت عيني تتجول عبر الأرض.

تساءلت كم نمت. يبدو أن العشب قد نما، والماء في النهر بدا أكثر وضوحًا. كنت أستطيع رؤية الكهف من هنا، لكنني لم أستطع العودة إلى هناك. أين سأذهب؟ قريتنا القديمة اختفت. احترقت بسبب الشمس الغاضبة. أنقذنا الكهف. وفر لنا مأوى من الشمس والرياح.

وقفت وبدأت في التحرك نحو جانب الكهف. كان هناك بعض المحاصيل المتبقية في الأرض، لذا استخدمت يدي وأصابعي لحفرها. وجدت قطعة قماش لألفها فيها وأخرى لأضعها على كتفي. بضع قطع من الجلد وقبعة من القش لتحميني من الشمس. وقفت على قدمي ومددت يدي أمامي، أشاهد المطر ينظف الأوساخ من أصابعي. كنت أتساءل إذا كانت هذه الأصابع تستطيع حفر قبر لشعبي. هل من المفترض أن أفعل ذلك؟ كناجية وحيدة، هل يقع على عاتقي دفن الجثث المتناثرة في الكهف؟ شعرت بشعلة في صدري. نمت لتصبح نارًا مشتعلة بينما أفكر في ما حدث هنا. لماذا؟ ماذا فعلنا لنستحق هذه العقوبة؟ ما هو الجرم الذي أدى إلى هذه القسوة؟ لماذا تعطينا المطر وترفع معنوياتنا، فقط لتأخذ الفرح بأقسى طريقة؟ أمالت رأسي نحو السماء وبصوت قوي منخفض، غير معروف لي، قلت، "أنتم قتلتموهم، يمكنكم دفنهم"، وبدأت في المشي.

اتبعت النهر في اتجاه التيار. بعد فترة، توقف المطر واستطعت أن أرى الشمس تغرب، لكنني لم أرغب في التوقف، لم أرغب في الراحة والحلم فقط لأستيقظ على هذا الكابوس. كان صدري ما زال يشتعل، والغضب ينبض في جسدي، والغضب يبقيني مستمرة. عندما غربت الشمس، صعد القمر الكامل وأضاء طريقي. في المسافة سمعت عواء. العواء علامة جيدة، فكرت في نفسي. إذا عادت الحيوانات المفترسة، فإن الفريسة قد عادت أيضًا.

"عند أول ضوء، سأربط فخًا وربما أستطيع أن أصطاد أرنبًا"، همست في الليل. عواء آخر، ويبدو أقرب، لكنه لم يخيفني، بل وجدت فيه راحة لعلمي أنني لست وحدي تمامًا، وخلال الليل كان العواء يصاحبني.

أستطيع أن أقول إن ضفة النهر أصبحت أوسع. الرمل يحل محل الطين والعشب الميت. قررت أن أتوقف لفترة. أخذت القماش من على كتفي ووضعته على الرمل وجلست. كان بطني يقرقر ولأول مرة منذ بدء هذا الكابوس، شعرت بالجوع.

أخذت بنجرًا من القماش الآخر ونفضت الأوساخ عنه، وضعته على شفتي وأغمضت عيني.

ملء بطني جعل النار تخمد قليلاً. كانت ما زالت هناك، لكنها لم تكن مشتعلة. مشيت نحو النهر، انحنيت وأخذت الماء لأشربه بيدي.

أبقى ثابتًا لبعض الوقت، أحدق في انعكاس أشعة الشمس الصباحية وهي ترقص على سطح النهر. تستيقظ الصراصير والحشرات الأخرى لتلعب في الفجر وتملأ الهواء بأصوات صغيرة.

لم أسمع عواءً منذ فترة طويلة وهذا يجعلني أشعر بالوحدة.

أعود إلى الرمل، وأبدأ بربط الفخاخ، وهي مهارة كان يجب على الجميع في القرية تعلمها كأطفال ليساعدوا قبل أن يصبحوا كبارًا بما يكفي للصيد. أشعر بألم في قلبي بينما تفيض الصور في ذهني، ذكريات أمي وهي تجلس معي بصبر لتعلمني أنواع العقد المختلفة وأيها يستخدم لأي حيوان. فجأة، أسمع غصنًا ينكسر في الأدغال خلفي. أقف بسرعة، متوقعًا رؤية عيون ذهبية على وجه شاحب. لكني لا أرى ذلك. أسمع المزيد من الأغصان تنكسر قبل أن يظهر ذئب عملاق من الظلال. يتوقف الذئب قبل أن يقترب كثيرًا. عيون متوهجة تحدق بي ولا أستطيع أن أمنع نفسي.

"إذا كنت تبحث عن شيء لتأكله، أعتذر عن خيبة الأمل، لا يوجد هنا سوى جلد وعظام"، أضحك، وأفاجئ نفسي بأنني لست خائفًا. ولا حتى قليلاً. ربما بسبب نقص النوم، أو الإرهاق، أو ربما فقدت عقلي أو إرادتي للعيش.

إنه ذئب ضخم، لم أرَ واحدًا عن قرب من قبل، لكني أعلم أنهم ليسوا بهذا الحجم. الفراء سميك وله نفس لون السماء في ليلة صافية، أستطيع أن أرى أطفالها يلمعون فيه، الشمس تنعكس وكأن آلاف النجوم تعيش في الفراء الداكن. هذا يشعل النار في صدري مرة أخرى.

"بالطبع إنه أنت!" أصرخ في وجه الذئب. "جئت لتكمل المهمة، أليس كذلك؟ حسنًا، تفضل! أنجزها!" أحدق في عيون الذئب، تبدو وكأنها تتغير من الأخضر إلى الأزرق إلى البنفسجي، وأتنفس بثقل. هل سيقتلني؟ فكر في الأمر، لا يهمني حقًا. يكاد يكون كما لو أنني آمل أن يقوم الذئب بهذه الخدمة. ثم أفكر في كلمات أمي.

"وعدني أن تبقى على قيد الحياة" أنظر إلى الوحش مرة أخرى.

"أنت ستجعلني أحافظ على وعدي، أليس كذلك؟"

يجلس الذئب على رجليه الخلفيتين، يميل رأسه للأعلى، ويطلق عواءً طويلًا وقويًا. الصوت يهتز في الأرض تحتي ويذهب مباشرة إلى قلبي ويهدئ النيران. أصاب بالصدمة في البداية، ثم أشعر بالطاقة الغاضبة تتدفق من جسدي. أتهاوى في الرمل، الحبيبات الصغيرة تقطع الجلد الجاف على ركبتي لكن لا يزعجني ذلك، هذا الألم لا شيء مقارنة بالألم في صدري. أرتجف، أبكي، أحاول التمسك بالغضب الذي كان يبقيني مستمرًا لكنه يتلاشى. يدور الذئب حولي عدة مرات ثم يأخذ مكانه بجانبي، وينوح قليلاً قبل أن يصدميني بوضع رأسه الضخم في حجري. دموعي لا تزال تتدفق على خدي بينما أرفع يدي وأبدأ في مداعبة الفراء الناعم.

إنه مثل الماء بين أصابعي، كل شعرة متناسقة تمامًا مع الأخرى.

الشعور في كفي يذكرني بمعطف الفراء الذي كانت أمي ترتديه عندما يأتي البرد. أخبرتني أن أبي حصل عليه لها عندما كانت تتوقعني.

لم أعرف والدي أبدًا لكن في كل مرة كانت أمي تتحدث عنه، كانت الحب في عينيها طاغيًا. كانت تحبه كثيرًا عندما كان حيًا، وكانت تفتقده كثيرًا عندما رحل. أنظر إلى الذئب برأسه على ساقي.

لابد أن هذا حلم غريب. قريبًا سأستيقظ مرتبكًا. مرتبكًا ولكن مرتاحًا، لأنه بدلاً من الحلم بالمذبحة في الكهف، حلمت بوحش ذئب يواسيني. يرفع الرأس الضخم عن حجري ويقترب من وجهي. أشعر بأنفاسه كرياح دافئة ورطبة على خدي. كنت أعتقد أنه سيشم رائحة كريهة، مثل الكلاب في القرية عندما كنت طفلاً صغيرًا، لكنه لا يفعل. يشم رائحة الفاكهة والزهور، مثل الأشجار في الربيع وأول حصاد للمحاصيل في الصيف. يشم رائحة الأرض نفسها.

أنف كبير يشمني، الشعور البارد الرطب يجعلني أرتجف، لسان دافئ ناعم يلعق القطرات المالحة التي لا تزال تترك عيني. يلعق خدي، خط فكي، رقبتي وأعلى صدري، مصممًا على محو كل أثر للحزن. يتوقف الأنف عند عنقي، يشم ويأخذ أنفاسًا عميقة، وأبدأ حقًا في الشعور بتحسن. أغرس أصابعي في الفراء، مستمتعًا بالشعور، أتنهد بعمق وأغلق عيني لكني أفتحهما فجأة عندما أشعر بنابين يخترقان جلدي، يغوصان في لحمي ويدخلان إلى روحي.

Previous ChapterNext Chapter